في المدن التي تحب الأسوار
يغيب الشعور..
يتغول الحزن
والخوف
تغدو القصيدة وحيدة
في الفراغ الأبيض
وأنا لا أحب البياض
حيث يكثر الإلحاد
يزيد عدد مدربي التنمية الذاتية
وبائعي المسك في أبواب المساجد
والحافلات..
يتقلص حياء المرشحين في الانتخابات
أكثر
وتتمدد سنوات بقائهم
فوق خلايانا العصبية..
في المدن التي تحب الأسوار
تتضاعف خصوبة البؤس
مثل الأميبا
يموت الناس أمام الأبواب الضيقة
ازدحاما..
أو في سهرة مغن شعبي..
وأمام أبواب المستشفيات أيضا..
ثم يختفي الشعر تدريجيا..
فتقرر السماء ألا تسقط على رؤوس الخلق
لوجود أطفال رضع
وطيور مغردة في الأقفاص..
في المدن التي تحب الأسوار
يتحول الخوف من المشعوذين
إلى وباء
يتطير الناس من الطيور المهاجرة
تٰعدم القطط السوداء
وفي ساحة المدينة..
يقول شاعر صغير
لا ترسو قصائده على بحر:
أنا المتنبي
ثم يمتطي مجنون صهوة قصبة
ويعلن في الناس: أنا نبي
فكيف لم تسأمي بعد من كل هذا الهراء
ولا تأتين لعالمي الشاسع
بين أوراقي
تنتظرين غيمة حب بيضاء
في شرفة واسعة
أو في حديقة شيدها القدر ذات حلم
بين نار الغموض وماء السؤال؟
اشهدي للمرة الأخيرة..
اني أحبك..
وأومن أن أوراقي أكبر من مدينتك!
مصطفى البقالي – من مكان ما في الكرة الأرضية-2014
القصيدة نشرت في صحيفة القدس العربي بتاريخ 02/09/2015