عند مئذنة التاريخ..والموت!

مصطفى البقالي – الجزيرة توك – مكناس
Photo212

بمجرد دخولك لمكناس تشعر بأن أمراً جللاً حصل هنا، أصوات سيارات الإسعاف تأتي من البعيد كالنعيق ممزقة صمت المدينة العتيقة، ورائحة غريبة تخنق أنفاسك، قد لا تشمها، لكنك تشعر بها كالموت!
إن كنت غريباً عن المدينة، يمكنك الوصول إلى ذلك المكان بسهولة إذا لم توقفك طبعا حواجز الشرطة التي توجد في أكثر من مكان. اسأل أي شخص عن المسجد..ليجيبك..إنه هناك! فالجميع يتوقع أنك تقصده هو بالتأكيد.. مسجد “باب البردعيين”!
وصلت هناك قادماً من الرباط، الرائحة نفسها تكبر وتتمدد أكثر.

أسأل أحد أبناء الحي،ماذا حصل؟ يجيبني بصوت كالبكاء: كان ذلك يوم الجمعة، عندما همّ الخطيبُ بإلقاء خطبته، انتظر الجميع انتهاء الآذان، لكن صوتاً عظيماً وغباراً كثيفاً أوقف كل شيء، الزمن توقف في تلك اللحظة، وعندما تحركت عقارب الساعة قليلاً، وجدنا أن 41 شخصاً رحلوا عن عالمنا، وجرح ما يزيدُ عن 70 آخرين!
شيء عملاق عمره 300 سنة يتهاوي على رؤوس خاشعة.. لقد سقطت المئذنة!

[youtube https://www.youtube.com/watch?v=1H91pN_4eSg&w=420&h=315]

دخلت هناك…كل شيء في هذا المكان يقول: هنا دفن 41 شخصاً تحت الأنقاض..هنا انتهت أحلام الكثيرين!
ما السبب؟ هل هي الأمطار الغزيرة التي عرفتها المنطقة؟! أم هو غياب ثقافة ترميم المساجد القديمة والأماكن الأثرية؟ أين هي الأموال التي سلمت للمجلس البلدي للقيام بإعادة إصلاح المسجد وإعادة ترميمه؟ من المذنب؟ المطر..أم البشر؟! من سيُحاسب إذن ؟ هل ستُسجل المأساة ضد مجهول؟
أم أن الصمت هو الحل..ما دمنا نؤمن بالقضاء والقدر!
أسير في الركام، وحذائي يصطدم بأحذية مرمية كانت لأحياءٍ سابقين.

Photo089
أخرج من مكناس ونفس الرائحة تلاحقني، ونفس السؤال يلاحقني.
من سنحاسب إذن؟!

اقرأ أيضاً

مصطفى البقالي الشاعر والصحفي

مصطفى البقالي

Mustapha El BAKKALI

شاعر وإعلامي مغربي مقيم في واشنطن
مختارات
كتابي الأخير