خبر مفجع توصلت به هذا الصباح من صديقي العزيز وزميلي السابق في الكلية يونس الحياني عن وفاة أستاذنا وصديقي العزيز محمد الذهان..
هكذا يرحل الطيبون دون وداع: قلتها وبكيت!

كنا ندرس في محاضراته “سوسيولوجية الإعلام”..كانت المحاضرات ممتعة وتمضي بسرعة كأي شيء جميل..كان يحب السينما أيضا ويعيش تفاصيلها كأي عارف بخبايا الكاميرا والسيناريو، وأسرار الضوء. لكنه واجه التهميش والإقصاء من الأشباه والأنصاف والدخلاء. كتب في آخر أسابيع حياته بحرقة شديدة :”غدا المهرجان الوطني للسينما….بعد أكثر من أربعة عقود من العمل الدؤوب وبدون مقابل مادي لنشر الثقافة السينمائية في إطار الجمعيات الثقافية ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة وحاليا على الأنترنيت – في وقت راكم فيه الكثيرون ثروات غير مستحقة ومأخوذة من جيوب المواطنين باسم السينما- تتم مكافأتي بالتهميش والإقصاء من التظاهرات الفنية التي تقام ببلادنا، آخرها مهرجانات طنجة..”

قبل أشهر قليلة نشرت صورة لي أثناء إلقاء كلمة في ندوة عن “الإبداع في زمن الإنترنت” بالدوحة، علق يومها على الصورة ودار بيننا هذا الحوار الصغير الذي يؤكد المعدن النفيس الذي انتمى إليه هذا الرجل العظيم:

========================
– Mohamed Dahane : “ونحن فعلناها في مادة سوسيولوجية الاعلام والتواصل منذ زمان…هل تتذكر؟” (كان يقصد بهذا الزمان سنة 2008).
–
– “أكيد أستاذي الكبير العزيز محمد الذهان..كانت أمسية سوسيولوجية رائعة، أذكر أنك اقتطعت مشكورا جزء كبيرا من الحصة كي تسمح لطالب بسيط مثلي أن يلقي أمام زملائه عرضا حول مدى تأثير المدونات والشبكات الاجتماعية على الشباب والتفاعلات الاجتماعية الناتجة عن ذلك. شكرا مرة أخرى أستاذي العزيز”

– Mohamed Dahane : وهنيئا لك بمشاركتك في ندوة الدوحة. إنني اشعر بنوع من الاعتزاز كون العمل الذي نقوم به يعطي ثماره . أتمنى لك مزيدا من التالق. وهل تعلم بالمناسبة أن هذه المادة تم حذفها من مقرر قسم علم الاجتماع؟ وكما يقول المثل المغربي “العيب ليس في الشجرة بل في من يقطع أغصانها…”

– من يزرع البذور والأشجار سيجني الثمار بالتأكيد، وليس هناك أعظم من بذور العلم وأشجار المعرفة أستاذي العزيز. أشكرك كثيرا على كلماتك الطيبة، وأنا أيضا أعتز أني كنت من بين طلبتك في الكلية. هذا خبر محزن فعلا!!! أعتقد أنها كانت من أهم المواد في مقرر علم الاجتماع..
العيب في الحطابين اذن..لا يتركوا خلفهم أي شيء جميل,,تحياتي أستاذي العزيز..”
===============

ومرة ثانية، بدموعي وحزني هذه المرة أقول لك: شكرا..

رحمك الله وأسكنك فسيح جناته أستاذي الكبير وصديقي العزيز محمد الذهان..
وداعا أيها الرجل الطيب..