السادسة والنصف صباحا..

(1)
“في المدينة وجدت ألف شاعر..ولم ألمح بينهم ظل قصيدة..
لم أجدك هناك..”
قلتها..ثم صرخ الصمت في داخلي..وسكت..
فأنا أعلم أن في مدن تكره الشعر..يغيب الشعور..وتغدو القصيدة وحيدة في الفراغ الابيض..
– هل أخبرتك من قبل أني لا أحب البياض؟ –
فكيف لا أجدك هنا، تنتظرين غيمة الحب في الشرفة الواسعة التي شيدها القدر ذات حلم بين أحراش الغموض وماء السؤال..
لم يكن الأمر إذن كما توقع المنجم في الصفحة الأخيرة من الكتاب السحري..
قال إن بداية الحكاية حب..والنهاية حب!

(2)
الساعة تشير إلى نصف قرار..ونصف قلق..ونصف شعور..ونصف حب ..ونصف شوق..ونصف وداع..
الساعة في الحائط تشير إلى السادسة والنصف صباحا..
أرقام الحظ التي أتخيل أني سأفوز بها في اليانصيب
توقيت
لا يذكرني بشيء..
-إلاك-

محايد
فيه تغني الحساسين نفس الالحان
يجمع فيه عمال النظافة ما بعثرته قطط المدينة ليلا..
تمر فيه الشاحنات الكبيرة أمام بيتي..
ولا تشرق الشمس في ذاكرتي في هذا التوقيت

(3)
“الشارع خواء في هذي المدينة..لا شعراء في الحدائق العامة..ولا دخان في المقاهي ..ولا شيء يملأ هذا الفراغ غير عشب متردد يخرج باستحياء من شقوق في الأرصفة والإسفلت..
ومرة أخرى لا ألمح ظلا للقصيدة..ولا أجدك هنا!”

قلتها دون شعور..
فـأنا أقف في مساحة الفراغ..تلك التي تفصل بين الوعي والغياب..
تلك التي تشبه حالة أولياء الله في حضرة الذكر..
“الله حي..الله حي”..
وأنا شبه ميت!

عقارب الساعة لا تتحرك..
السادسة والنصف صباحا مرة أخرى..
الوقت يمر رتيبا..
السنجاب لم يظهر منذ أسابيع بسبب الجليد..
وأطفال جارتنا يستعدون في الغالب لإستقبال سانتا كلوز
وأنا اخترت الجلوس في غرفة المعيشة..
………………………….

السادسة والنصف صباحا..
توقيت لا يصلح لشيء
غير الحب..والحنين..
-تقريبا-
مصطفى البقالي

اقرأ أيضاً

مصطفى البقالي الشاعر والصحفي

مصطفى البقالي

Mustapha El BAKKALI

شاعر وإعلامي مغربي مقيم في واشنطن
مختارات
كتابي الأخير